الاثنين، 18 أغسطس 2008

القصيدة تبقى (في رحيل الشاعر الكبير /محمود درويش)



رحل الجسم ، والقصيدة تبقى
تحرق الغدر والمظالم حرقا
وتبث الضياء في كل نفس
غضبا يسحق التجنيَ سحقا
وتنير الوجدان -حين يُُغَشَّى-
برؤى تستقي التألق صدقا
لم يمت من تعلَّق الأرض قلبا
وكيانا من الزهور أرَقّا
ومضي بالقصيدة العمرَ يهمي
لفسلطينَ من حناياه عشقا
ويصون الولاء : أرضا وعرضا
ويقيم الوداد خطوا وخفقا
شاعرٌ يحيا بالقضية فنا
وكيانا بهمها مسترقا
إيهِ ، محمودُ ، ما الذي كنت تبغي
غير أن تصبح القصيدة أفقا
يحمل الحرف للسلام غصونا
ويذيق الطغاة رعدا وبرقا
ويرى الحق سافرا يتجلى
يمحق الزور والتملق محقا
كم حملت " الجليل " عصفور حب
لم يكن في اغترابه المرِّ يشقى
وخطي حيفا في دروبك بيتا
نحوه عروة المودة وثقى
وفلطسينَ في حناياك خفقا
عربيَّّ الطريق غربا وشرقا
وكأن الرمال من كل شبر
في فلسطينَ صرن ريشا وطوقا
يملأ الكون زقزقات عذابا
ومن الخير والتفاؤل يسقى
مزجتْها رؤاك بالدمِ حرَّا
فمسحت الأسى وفاء ورفقا
الرفاق انتحَوْا ، فقمت ودودا
تستعيد الرفاق عزما ورفقا
وبثثت النداء منك قصيدا
واقعيَّ الخيال ريانَ عِلْقا
يدخل القلب دون إذن متى ما
هزنا الشعر ، ليس يحتاج طرقا
أمة الشعر نحن هل ثمَّ عار
أن نجيد الإبداع في الشعر حذقا؟
ونشيد الجمال جنة خير
ليس فيها من الورى من يشقى
يعتلي الحق في رباها عزيزا
يلتقيه الأنام سعيا ورزقا
كم بنينا بالشعر صرح فخار
وأعادت أشعارنا مُسْتَحَقَّا
واستللنا سخائما من نفوس
زادها الخلفُ والتناحر فتقا
إنما السحر في القصيد حلال
إن غدت فينا ألسن الصدق ذُلْقَا
وتهدت خطى النبيين دربا
وترقت مع الملائك بُلْقا
نحن بالشعر لانناجي حبيبا
أو نسوق الأشواق للقرب سوقا
إنما نحصد التلاقيَ حبا
في سنا أقصانا المبارك يرقى
ما خبا للنضال فينا ضياء
لا ، ولا صرنا للطغاة أرقَّا
وطريق الكفاح دمع إباء
ودماء بها المواطن تسقى
كيف إن صارت الدموع بحارا
بسوى الحب والتآلف تُرْقَا
الملايين من بني وطني الأكب
ر باتوا يُحصَوْن : موتى وغرقى
والمساكين في سكونهمُ ما
توا برغم الأنفاس تُحْسَب نطقا
هزهزتنا الخطوب فانتفض العز
م كأنا الجبال تنشق شقا
وأعدنا الأقصى بنصر حدته
من يد الله قوة لا تُوَقَّى
وملآنا بالعدل أنفس قوم
فتقوا السلم والتعارف فتقا
وأتوا يحملون حقدا مريضا
من سعار الطغيان ينصبُّ دفقا
فسقيناهمُ مودة دينٍ
هي للكون حين يظمأُ أنقى
وسكبنا من النفوس سلاما
بفروسية الإباء مُحِقا
كان هذا فيما مضى أفنرضى
من هدير الماضي المغرد وُرقا
وغد الثائرين فجر مطل
من ثنايا الإصرار يخفق خفقا
رب شعر أهاب بالناس يوما
فمضوا للنداء رعدا وبرقا
وأعادوا للأرض من أبعدته
فرية تخلق المزاعمَ خَلقا
وتجيد الإفك المنظم نهجا
يخرق الواقع المحقق خرقا
قوة الحق سوف تبرز يوما
في وجوه الردى أحدَّ أدقَّا
تسحق الغاصبين دمعَ الثكالى
واليتامى ، وتسترد الحقا
يرفض الضيم كل حر أبي
ويرى العيش فيه ذلا ورقا
إن تَرَجَّلْ عن الحصان ؛ فمن ذا
فوق ظهر الحصان - درويش - يبقى؟

الاثنين، 28 يوليو 2008

دمعة دامية..على رحيل شيخنا و أستاذنا الجليل أ.د.فتحي أبي عيسى



يا ناسجَ السحرفي ضـافٍ مـن الحلـل
ومدركَ السر في الفصحـى بـلا كلـل
ومبـدع النـقـد تلقائـيَّـة أســرت
أولـي البصائـر والألبـاب والأسَــلِ
وصاحـب الكلْمـة الخضـراء زاهيـةً
برائـق مـن سنـا القـرآن منهـمِـل
يا سيدي الفـذ ، يـا أستـاذ مدرسـة
وضيئـة النهـج ، ربانـيـة المـثُـلِ
تفنى الأساطير مهمـا اغتـرّ زاعمهـا
بـأن فيهـا جديـدا دائــم السُـبُـل
وينتهـي بالخرافـات الزمـان إلــى
أن الخلود قرين الصـدق فـي العمـل
ولسـت أسطـورة حتـى نهيـم بهـا
ونحوهـا نمـزج الأشـواق بالقـبـلِ
ولا خرافـة قــومٍ ربـمـا بـهـروا
بها الظنون فلـم تبحـث عـن البـدلِ
وإنمـا أنـت مثـل الشمـس ضاحيـةً
شعاعها فـي صميـم الفكـر والمقـلِ
وضوءهـا خفقـة الوجـدان متـقـدا
معطـرا برحـيـقٍ كالسـنـا هـطِـلِ
ودربهـا الخيـر للإنسـان مـزدهـرا
بريّـق الحـق فـي حـل ومرتـحـلِ
وأفقـهـا صـيـبٌ ريــانُ وابـلـه
إذا تدفـق مــن إتـقـان مرتـجِـلِ
يـا سيـدي وأنيـن الحـزن يغرقنـي
فـي لوعـة نارهـا مغتالـة أمـلـي
وحيرتـي مـن ذهـول البيـن مدميـة
قلبـي وعقلـي ووجدانـي بـلا ملـلِ
أكـاد مـن خبـر بالمـوت زلزلـنـي
أعانـق الكـذب الممـزوج بالخـلـلِ
وتنتحـي بـي أحاسيـسـي ممـزقـة
صوب الظنون ، إذا حيكت مـن الخبـلِ
فـلا يـرد رشـادي غـيـر معتـقَـدٍ
أن الممـات خطـى محتومـة الأجــلِ
ولا يصبّـر نفسـي غـيـر معتـصـمِ
بالله ، يرقـب خطـب الحـادث الجلـلِ
فلا تـزال الحـروف البيـض تنثرهـا
معطرات المـدى تسـري علـى مهـلِ
ولا يـزال مضـاء الفـكـر منطلـقـا
كالسيـل مـن قلـم بالحـق محتـفـلِ
وكيف ننسى " ببـيَّ" الضـوء منتشـرا
يزجي إلى النفس عطر الفـأل والأمـلِ
وفي " شبينَ " التآخـي صـار موطننـا
نـأوي إليـه علـى ودٍّ لديـك جـلـي
صنعـت فيـه انطلاقـا للقيـادة لــم
يمطر سوى الحرص يحوي طيب المثُـلِ
الحـزم والعـزم والإقـدام فـي ثقـة
والحـق والصـدق والإصـلاح للخلـلِ
وثـورة كالنـدى بيـضـاء صافـيـة
سلاحهـا الفكـر مضـاءً بـلا خطـل
ودربهـا : تالـد الأجــداد، منبـعـث
طريـفـه بــرؤى عـلامـةٍ جـبـلِ
هل كان " فتحي أبو عيسى " سوى أفـق
معشوشب الدرب ، مخضر الرؤى خضِلِ؟
مضى يفجر فـي النقـد الحيـا غدقـا
تألقـت منـه فصحانـا ولــم تــزلِ
وقــام ينـثـر بـالإبـداع منهـجـه
برائـع مـن بديـع الفهـم مكتـحـلِ
وراح يصبـو إلـى التجديـد متشحـا
مـن الجـدود بـإرث فيـه مكتـمـلِ
فاستنهض الهمـم العليـا وطـار بهـا
لـه جناحـان مـن فكـر ومـن ثقـلِ
ولـم تفـلَّ همـوم العيـش عزمـتـه
والخطو يطحننـا فـي دهرنـا الخبـلِ
وما ارتضى غير صـوت الجـد يطلقـه
من نبض قلـب بنـور الزهـد مشتعـلِ
ولـم يكـن نهجـه ممـن يحبـذ مـا
يقوقـع النفـس فـي أسـوار مختَبَـلِ
كأنـمـا هــو معـنـي إذا نطـقـت
حروف بيـت لديـه حاضـر عجـلِ :
" وإنمـا رجـل الدنـيـا وواحـدهـا
من لا يعول في الدنيـا علـى رجـل "
وآخـر موشـكٍ فـي كـل مقـصـده
وكـم شـداه بـلا كبـر ولا وهــل :
" إن السـلاح جميـع النـاس يحملـه
وليـس يعمـل إلا فـي يـدي بـطـلِ"
مـا ذا أعـدد مـن أوصـاف سيـدنـا
والشعر أعيـاه قيـد العجـز والوجـلِ
أحتـاج عمـرا كعمـري كـي أوفيـه
جزءا من الفضل أو حرفا مـن الجمـلِ
يا سيـدي ، سيظـل الصبـر مرتفقـي
والحزن أوفـى صديـق غيـر منبتِـلِ
فـإن سكبـت دموعـي فيـك قافـيـة
فالقلـب دام مـع الأحـزان مــن أزلِ
أقـم بقبـر لــه الأبــدان عـائـدة
يومـا وإن تقصـر الأعمـار أو تطـلِ
العلـم منـك ضيـاء حولـنـا ألــق
مضاعـف أجـره مـن صالـح العمـلِ
وانعـم برحمـة رب غـافـر حـكـمً
ونـل بعفـو لديـه أكــرم الـنـزلِ
إنـي لحكمـك يــا ربــاه ممتـثـل
فجـد بعفـوك واغفـر ذنـب ممتثـلِ
واغفر لأستاذنا " فتحـي " ومـن معـه
وكـل مـن جعـل التوحيـد كالظـلـلِ

الثلاثاء، 22 يوليو 2008

على باب غار ثور


أقبـل ؛ فإنـك للأمـان طـريـق
ينهل منـه علـى الأنـام شـروق
ولديـك نصـر لا يـزال لــواؤه
يعلو مـع الأيـام ، وهْـي خُفـوق
يا غار ثـور ، والتذكـر لا يعـي
فحـواه إلا الـحـب والتصـديـق
قد أمـك المختـار حيـن تآمـرت
زُمَـر تولـى نهجـهـا التلفـيـق
وتزعم الشيطان مـا اجتمعـوا لـه
والغدر تحت ضلوعهـم ممشـوق
سلـوه حيـن تجسـدت أحقادهـم
وهْمـا كـأن بـنـاءه الــزاووق
وسروا ؛ كان خطاهم تئـد الدجـى
ويشب من غيـظ القلـوب حريـق
حدجوا الفراش وطوقـوه ؛ كأنهـم
ظفروا ، فها أجداهـم التطويـق ؟
من بينهم خرج الرسـول ؛ تحفـه
عين الرعاية ، مـا دعـاه مـروق
وأقيم من " ياسيـن " سـد خلفهـم
وأمامهـم ، فالكـل ثَـمَّ غـريـق
أعماهـم ذر التـراب فمـا وعـوْا
شيئـا ، ولا أجـداهـم التحـديـق
وإذا علـي مَــن رأوا فعـراهـم
غضب تفور علـى لظـاه عـروق
ومضى بهم بيـن الشعـاب تغيـظ
حامي الزفير ، مزمجر ، مدفـوق
يشوى القلـوبَ تميـزا ، ويشقهـا
بمـرارة لخطـى العنـاد تسـوق
أعمى بصائرهـم ، وأبطـل ظنهـم
"أن المبيت بـه محـال " : مـوق
فرأوا نسيج العنكبـوت أتـت بـه
من قبـل ميـلاد الأميـن شقـوق
وتوهموا بيـض الحمامـة موشكـا
أن يخـرج الأفـراخ منـه فُلـوق
والأمـن تنشـره العنايـة رحمـة
يَردَى بها من عـشَّ فيـه الضيـق
أسـرار حفـظ الله خيـر عـبـاده
لا الحبر يدركهـا ، ولا المنطيـق
يا أيهـا الغـار الطهـور ، تحيـة
يسعـي بهـا قلـب إليـك مشـوق
ويعايـن الذكـرى يهـل ضياؤهـا
فـإذا الحيـاة تـجـدد منـسـوق
هل أبصر الكفار في الغار الهـدى
يحميـه عهـد بالكـريـم وثـيـق
وهل اجتنوا غير الخسار إذ ارتضوا
أن البديـل لكـي يفـوزا الـنـوق
آويت خير الخلق ، فاحفـظ ذكـره
فسنـاه شهـد ، والسنـاء رحيـق
وأعـد إلينـا مـن معيـة ربـنـا
ألقـا بـه معنـى الحيـاة يـروق
من لدغـة الثعبـان مسـت دمعـة
خـد النبـي ، وليـس ثـم شهيـق
وكأنما الثعبـان قـال لـه : "انتبـه
لست الذي تحميـه يـا ، صديـق
إن الـذي يحيـمـه رب حـافـظ
مهما تمـادى فـي الأذاة صفيـق "
لا تحزنَـنْ ؛ إن السكينـة أنزلـت
وجنـود ربـك لا تراهـا المـوق
ياغار ثور ما يقـول الشعـر فـي
ذكرى بها الأفـق الفسيـح يضيـق
وتغيـب عنهـا أمــة أبنـاؤهـا
تعـوي رعـود حولهـم وبـروق
بتنـا نصانـع كـل وغـد مجـرم
ويعيـث فـي أوطاننـا الزنـديـق
ويذيقنـا الطغيـان طعـم هوانـنـا
ويـدوس كـل كرامـة ويـريـق
حتى كأن لسنا الألى ملكـوا الدنـا
بالعـدل يُرجَـى ظلـه المرمـوق
فمتى تعود إلى الصـدارة أمتـى ؟
ومتى علـى نـور الإلـه نفيـق ؟

العود الموجع!

العود الموجع
قرأت ما دبجه يراع أستاذي الكبير الدكتور / أحمد الرشيدي ، تحت عنوان :" قد يكون العود أوجع ".
فكانت هذه المحاولة المبتدئة ؛ تجاوبا مع روعة ما سكب ، وانفعالا بصدق ما كتب.
*******

حينمـا الفرحـة تُفْجَـعْ
والأمـانـيُّ تـــودَّعْ
ورؤى اللقيـا تََصَـدَّع ْ
فـي شراييـنَ تُـمَـزَّعْ
والحشا الدامـي يُقَطَّـعْ
قد يكون العـود أوْجَـعْ
حينما يسـري ارتحالـي
سالكـا درب المـحـالِ
وهْـو منقـاد الخـيـال
فـي سفـوح أوجـبـال
بـعـنـاد أوضـــلال
قد يكون العـود أوجـع
حينما تُسْقَـى البساتيـنْ
في الضحى دمعَ البراكينْ
والأسى فـوق الأفانيـنْ
تكتـوى منـه الأحاييـنْ
وتغنـيـه التـلاحـيـن
قد يكون العـود أوجـع
حينما ينكسـر السّـربْ
ودموع الشوق والقـربْ
دامياتٌ من رؤى الكربْ
وفـراقٍ تائـه الـدربْ
وكـأن الملتقَـى حـربْ
قد يكون العـود أوجـع
حينمـا يغـدو الطريـقْ
مزمـهـرًّا بالحـريـقْ
وخطـى اللقيـا تضيـقْ
باغتراب عـن صديـق
واختـنـاق كالغـريـق
قد يكون العـود أوجـع
حينمـا تُزْهَـى القيـود
عابـثـاتٍ بالـعـهـود
ويرى القلـبُ الجـدودْ
راحــلاتٍ لاتـعــود
لاتبـالـي بـالـوعـود
قد يكون العـود أوجـع
حينمـا الأحـلام تنهـارْ
بجـمـوح وبـإصـرارْ
وسيول تُرعِـب الغـارْ
هب منها ألف إعصـارْ
يمزج الإغـراقَ بالنـارْ
قد يكون العـود أوجـع
حينمـا يحتـرق الطَّـلّْ
بسعيـر ليـس يخـتـلّْ
وهجيـر راح ينـسـلّْ
خانقا في الروضة الظلّْ
وأريجـا مائـسَ البَـلّْ
قد يكون العـود أوجـع
حينمـا يمسـي التفـاؤل
حائـرا فيـه التسـاؤل
ويوافـيـه تـشــاؤل
لابسـا ثـوب تضـاؤل
هاربـا منـه الـتـواؤل
قد يكون العـود أوجـع
حينما الأفـراح تنفـضّْ
ودجى الأتـراح ينقـضّْ
وعيون البِشـر تبيـضّْ
من أنين ليـس يرفـضّْ
كامنٍ فـي لبِّـه المَـضّْ
قد يكون العـود أوجـع
آه ، ياعودا إلـى التيـهْ
لست أدري كيف آتيـهْ؟!
ربمـا جئـت أواتـيـهْ
مستريبـا مـن تأتِّـيـهْ
وهْو يفتيني ، وأفتيـهْ :
قد يكون العـود أوجـع
موجِعاتِ العـود ، إنـي
بيـن أوهامـي وظنـي
يُشْرَب الوجـدانُ منـي
دمعـةَ البيـن الـمُـرِنِّ
كيف أمضي ، وأغني :
قد يكون العـود أوجـع

إلى ملاك إنسي

منبعـا صــرت للـوفـاء نقـيـا
عاطـر الـود ، طاهـرا قدسـيـا
سامق الأفـق فـي التواضـع فـذ
باهـر النـور ، ضاحيـا ، قمريـا
صاغـك الله مـن ضيـاء مــلاك
فتجـاوزت العـالـم البشـريـا ؟
أم ترقيـت بالتـواضـع ، حـتـى
أصبـح الذكـر أفقـك الأبـديـا ؟
أم تخـذت السمـو معـراج نفـس
فامتلكـت السمـاك : زادا وريـا ؟
قـد تفـردت فـي البيـان اقتـدارا
شامـخ الفكـر ، متقنـا ، عفـويـا
آسر البـوح فـي قصيـد ، ونثـر
شائقـا ، رائقـا ، طهـورا ، أبيـا
يتوخـى لـكـل معـنـى بـديـع
رقـة اللفـظ ، والبنـاء العصـيـا
ويزف الجديد ؛ حتى كـأن الأرض
تمشـي عـلـى ثـراهـا الثـريـا
أو كـأن "الخنسـاء" فيـك تناجـي
من سماء الإبداع " ليلى " ، و " ميا "
لا أزكيـك حيـن يأتيـك شعـري
ذاهل الحـرف ، مطرقـا ، وحييـا
يصحـب الحـق واليقيـن احتسابـا
ويسـوق القريـض غِـرا ، عييـا
فاعـذريـه إذا تجـاسـر وزنــا
أو قوافيـه لـم يُـجـدن الـرويـا
وامنحيـه مـن السمـاح ريـاحـا
تنشـر العفـو منـك ظـلا نـديـا
وتغاضـي عـن عجـزه ؛ فخطـاه
مـثـقـلات بخـوفـهـا تـتـأيَّـا
وانثري دعـوة ترشـرش ضـوءا
فتضيء الـدرب الطويـل الدجيـا
أوليـس الدعـاء طــوق نـجـاة
لغريـق يجتـاز موجـا عتـيـا ؟
فارفعـيـه سفـيـنـة تـتـهـادى
صـوب شـط بكـل أمـن تـزيـا
أبعـد الله عنـك كــل انـزعـاج
وحمـى النفـس والفـؤاد الرضيـا
وكسـا عمـرك المبـارك رفـقـا
يتـرامـى : تألـقـا ، ورقـيــا
وتــولاك بالعنـايـة تـرعــى
ماتملـكـت بـكــرة وعـشـيـا
وتولـى عنـي جــزاءك ربــي
جـل ربــي مجـازيـا وولـيـا
ليتنـي ممـن يقـبـل الله منـهـم
إن دعـوه ! لكننـي لسـت شـيَّـا
إنمـا يرتجـى الدعـاء لـدى مـن
أشربـوا الأنفـس السنـاء السنيـا
وغـذوا بالتقـى كيانـا وروحــا
وتـردَّوا عيـش الرضـا مرضيـا
أنت منهـم – تصـورا وسلوكـا –
أفُـق يهـمـي بالـشـذا عبقـريـا
فلتطيبي : نفسا ، وقلبـا ، وروحـا
ولتكـونـي تـفــردا إنـسـيـا
ولتضمـي سكينـة النفـس دربــا
راشـد الخطـو ، آمنـا ، محميـا
زادك الله عـــزة ، وبــهــاء
وشموخـا ، ورفعـة ، ومضـيـا
وحيـاة فـي طـاعـة الله تحـيـا
وتـروم الإيمـان نهـجـا سـويـا
وحبـاك الجنـات وعـدا صدوقـا
" إنـه كــان وعــده مأتـيـا "

الأحد، 20 يوليو 2008

تحية إلى العمال


تحية إلى العمال
أحرف خجلى !!

إلى كل عامل يحركه صدق الرغبة المقرون بإتقان العمل ؛ حرصا على أن يظل نهر الخير جاريا بين الناس!!

********

دهش القريض ، وحـارت الأقـوال
مــاذا أقــدم أيـهـا العـمـال؟
مـاذا أقـدم والحـروف تـأرجـت
بجـواركـم، لكنـهـا تـخـتـال؟
أسـرت بمـا قدمتمـوه ؛ فعطرهـا
بين الورى تهمـي بـه الأعمـال!
من كـد أيديكـم، وعطـر جباهكـم
صـار الخيـال حقائـقـا تنـهـال
وغـدت أمانـيُّ الحيـاة وقائـعـا
تغنـى بهـا الغـدوات والآصــال
فكأنما سـر الحيـاة أبـى سـوى
أن يستـقـر لديـكـم التـرحـال
ما قيمـة الدنيـا إذا لـم نصطحـب
عمـلا بــه تتحـقـق الآمــال؟
هذي المصانع لم تكن فـي أمسنـا
إلا منـى ًبـيـد الخـيـال تُـنـال
أو مُرتـجَـىً لمطـالـبٍ حتمـيـة
سيـان فيهـا نـسـوة ورجــال
بعزائـم العمـال قــام بنـاؤهـا
وسـرت منافـع لـلأنـام تـنـال
والأرض بالعمـل ازدهـت وتألقـت
وعلا الجنى يـوم الحصـاد جـلال
هي منـة الرحمـن يمنـح سرهـا
مـن كـان للإخـلاص فيـه مـآل
مـا عيدكـم يـوم يـمـر كـأنـه
ضيـف ستطـوي خطـوه الأميـال
لكـنـه ذكــرى تــرف تألـقـا
فـي كـل خيـر للـورى ينـثـال
يـا أيهـا العمـال والدنيـا لـكـم
فـي عيدكـم قـد حفهـا الإجـلال
أنتم شراييـن الحيـاة ، ونبضهـا
وضياؤهـا المتـرقـرق الـجـوال
أنتم فراديـس الرجـاء ، وعطـره
وشبـابـه المتـوقـد الـفـعـال
أنتـم علـى مـر الزمـان مباهـج
ومفاخـر تُزْهـى بهـا الأجـيـال
أنا إن شدوت فلن أكون سوى صدى
نغـم تــزف لحـونـه الأفـعـال
خجلى حروفي حين تمدحكم ،وهـل
تكفـي مديحكـمُ هنـا الأقــوال؟
مهما تأنقـت القصائـد فهْـي مـن
أغنيـة يـشـدو بـهـا العـمـال

رسالة جد قصيرة إلى أمي!



كيف أرضى أن يكون ال
عيد يوما فـي السنـه؟
وحـنـان الأم يـنــهـ
ل بـكـل الأزمـنـه؟
ويوافيـنـي سـنـاهـا
فـي جميـع الأمكنـه؟
ليت شعري ! هل تـوفـ
يـك حـروف معلنـه؟
أبذل الروح لكـي يـغـ
مـر أيامـي رضــاكِ
وأسوق العمـر عرفـا
نا بمـا جـادت يـداكِ
ليتنـي أرضيـك إذ تـ
رفـع رأسـي قدمـاكِ
فأرى الجنـة مـن بـيـ
ن نــداء المـئـذنـه
إنما عيـدك كـل العـمـ
ر يـا أمـي الحبيـبـه
وفـؤادي لـن تكونـي
فيـه لـي إلا وجيـبـه
لملمـتـه واحـتـوتـه
نبضة العطف الرطيبـه
وسقتـه مأمـن الــدر
ب وصـارت موطنـه
إن يطل عمـريَ أو أغـ

د بـه شيخـا كبـيـرا
فسأبقـى عنـد أمــي
دائمـا طفـلا صغيـرا
يتلقـانـي رضـاهــا
فـأرى الظلمـة نـورا
وأرى الخـوف أمـانـا
بـعـيـون مـؤمـنـه